تقع "قرية" كما عرفت قديماً أو "الفاو" حسب التسمية المحلية على بعد حوالي 700 كم جنوب غرب مدينة الرياض, وحوالي 150 كم جنوب شرق الخماسين بوادي الدواسر، وتطل على الناحية الشمالية الغربية للربع الخالي في نقطة تقاطع وادي الدواسر بسلسلة جبال طويق عند ثغرة في الجبل يطلق عليها الفاو, وهي تقع على الطريق التجاري القديم المعروف بطريق نجران -الجرهاء.
ويعتبر موقع "قرية" من أهم المواقع الأثرية على مستوى الجزيرة العربية إن لم يكن على مستوى العالم، لما يجسده من مثال حي للمدينة العربية قبل الإسلام بكل مقوماتها من مساكن وطرقات وأسواق ومقابر وآبار .
و كانت قرية الفاو عاصمة دولة "كندة" التي كان لها دور كبير في الجزيرة العربية لمدة تزيد على خمسة قرون، وكانت مركزاً تجارياً مهماً وملتقى قوافل تحمل المعادن والحبوب والنسيج، وكانت عامرة بالمساكن والمخازن والحوانيت والفنادق، وبها أكثر من 17 بئراً، واشتغل أهلها بالتجارة والزراعة.
ويعج الموقع بالعديد من المعالم الأثرية، حيث يحتضن عدداً وافراً من التلال الأثرية المنتشرة في الموقع، والقصر والسوق، وعثر بالموقع على مجموعة من المجسمات البرونزية التي أعطت بعداً حضارياً جديداً، إضافة إلى المقابر المتنوعة في أشكالها، والكتابات التي وجدت بالحرف الجنوبي المسند، كما تم العثور على قطع أثرية في الموقع يجري ترميمها حالياً بالإضافة إلى القطع التي يتم عرضها حالياً في معرض روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور في واشنطن.
جهود تأهيل الموقع
وجاء الاهتمام بقرية الفاو كموقع أثري بدأ منذ أربعينيات القرن العشرين من جانب موظفي شركة أرامكو السعودية، وتلا ذلك رحلات واستطلاعات علمية قام بها عبدالله فلبي وبعض علماء الآثار الأجانب، وكان ما كتبوه عنها النواة الأولى لأعمال التنقيب في الموقع التي بدأت في عام 1972م لمدة ثلاثة مواسم.
وقد وقعت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وجامعة الملك سعود، مذكرة تعاون لتأهيل الموقع وإعادة فتحه وتوسعته لتبلغ مساحته أكثر من 16 كيلو متراً مربعاً، حيث يقوم مشروع تأهيل موقع الفاو الأثري على تحقيق مجموعة من الأهداف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ومنها تأهيل موقع "الفاو" ليكون معلماً تاريخياً وشاهداً حضارياً يمكن زيارته، وأن يلعب الموقع دوراً اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً في منطقة الرياض ومحافظة وادي الدواسر، علاوة على عرض المكتشفات الأثرية للدارسين والباحثين والمهتمين بالتراث الثقافي وزائري المنطقة، ودعم الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة.
فلم قرية الفاو :